بديع جسم الإنسان ووزاراته

بديع جسم الإنسان ووزاراته


يمكن أن يشبه الجسم إلى حد بعيد بالأمة والدولة، فأما الخلايا فهي أفراد الشعب العامل، وهي تتجمع في عمل واحد يشبه المديريات والمؤسسات، وأما الاختصاصات في الجسم فهي تشبه الوزارات إلى حد ما، وأما الجهاز العصبي المركزي فهو بمثابة السلطة الحاكمة المهيمنة المخلصة العاقلة العالمة، وأما الجسم فهو بمثابة الشعب المتفاني في الطاعة و تقديم الولاء.
ولنحاول أخذ أمثلة على الأجهزة في الجسم التي تشبه الوزارات في الدولة، فـ (جهاز الدوران) مثلا يجمع بين خاصية نقل الغذاء و الأوكسجين إلى الأنسجة العطشى الجائعة، وإرجاع بقايا الاحتراق ونفايات الغذاء، فهذا الجهاز يعبّد الطرق، ويشق الممرات، ويحسن الوصل،ولذا فهو أشبه بـ (وزارة المواصلات). وأما (الجهاز الهضمي) فهو ينقل إلى الأمعاء النشويات والبروتينات والدسم والماء والأملاح المعدنية والفيتامينات، ويلقي الفضلات والقمامة التي لا يحتاج إليها البدن، لذا فإن هذا الجهاز أشبه بـ (وزارة التموين) في الجسم. وأما (الغدد العرقية) فهي أشبه بـ (وزارة السياحة والاصطياف) لأنها تبرد الجسم و تخفف من حرارته.
وأما (الجلد و اللحف والأظفار والأشعار) فهي تمثل الإنسان من الخارج، فهي أشبه بـ (وزارة الخارجية!)، وأما (جهاز التنفس)، فهو يأتي بالغازات الضرورية للبدن مثل الأوكسجين ويطرح غاز الفحم، وهكذا يتصفى الدم من الكدر، و لذا فهو أشبه بـ (وزارة الاقتصاد) لأنه يستورد و يصدر.
أما (العضلات والمفاصل والعظام) فهي أشبه بـ (وزارة الدفاع أو الحربية والجيش) لأنها تدافع عن الإنسان، كما تقوم بالهجوم إذا لزم الأمر.
و أما (الكبد) فهو (مركز الجمارك العام)، لأن كل ما يرد إلى البدن من الطريق الهضمي يمر فيه، حيث يبعد المشتبه به، ويدخل المرغوب فيه، ويسلسل المجرمون فيؤخذ بالنواصي والأقدام، كما يعدل المشكوك به، ويرسل معه مراقباً، حتى يلقيه خارج الحدود عن طريق الكلية، و هو ما يعرف بالازدواج الكبريتي أو الغلوكوروني، لأن هاتين المادتين تترافقان مع المادة التي ستطرح إلى الكلية. مثل مرافقة دوريات الشرطة لعتاة المجرمين؟
وأما (الطحال) فهو (المقبرة) الموحشة للكريات الحمراء، لأن الكرية تعيش وسطياً 120 يوماً، حيث ينقل جثمانها في حفل مهيب إلى الطحال و توارى في مثواها الأخير.
وطريقة الدفن في الطحال عجيبة؛ فهي أشبه ما تكون بطريقة الدفن عند المسلمين حيث يدفن الجثمان، ويرجع بالتابوت، خلافاً لطريقة الآخرين، الذين يدفنون الجثمان والتابوت جميعاً، و مظهره هنا العودة بذرة الحديد مرة أخرى، حتى يستفيد منها الجسم في بناء كريات حمراء جديدة!
وأما (النخاع) الموجود في باطن العظام، وأماكن أخرى متناثرة في الجسم؛ فهي أشبه ما تكون بـ (وزارة الصناعة)، لأنها تضع الكريات الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية، وعناصر أخرى كثيرة.
وأما (الجهاز البولي) فهو أشبه بـ (وزارة الداخلية)، لأنها تطرح العناصر المشتبه بها خارج الحدود، وتحافظ على نظام البدن الداخلي حتى يتزن و لا يتقلب، كما تنظم السوائل الداخلية و الخارجية، حتى لا يحصل العبث بالنظام الداخلي، و لذا فهي (مصفاة البدن الكبيرة)، وجهاز المحافظة على الاتزان الداخلي. ومنظمة الضغط..
وأما الحواس فهي امتدادات وزارة الخارجية.. أي الجلد .
وأما (اللسان وأعضاء التصويت) فهي (وزارة الإعلام) التي تذيع الأخبار و تبث الأحاديث، وتنقل الأفكار و المفاهيم، و الإذاعة هي مراكز التصويت المتجمعة في الحبال الصوتية و الحنجرة وغضاريفها، و اللسان وعضلاته، والجمجمة و حفرها، و الشفة و مقدم الفم.
وبقي أن نتساءل: أين تقع وزارة الأوقاف بين هذه الوزارات؟ والجواب إنها في جهاز الهرمونات الداخلية، فالدين هو الناظم الداخلي وحافظ الانسجام الروحي..
والجسم ونحن نشبه ونقرب كل غدده و أخلاطه و دمه و لمفه و عروقه و أعصابه و شعره و جلده، كله يمشي وفق الناموس الذي رسمه له الخالق العظيم، وكل خلاياه و أنسجته و أعضائه وأجهزته هي في حالة عبادة واستسلام و إسلام لله رب العالمين، وليس هناك من مكان يخصص لعبادة الله و التفرغ له، وأماكن أخرى تخصص لعبادات أخرى، فالكل يعبد ويسبح الله، و الكل يصلي لله وفق اختصاصه؛ فالدم يصلي في جريانه، والرئة تصلي في تنفسها، والقلب يصلي في نبضاته، والعصب يصلي في سريانه
(كل قد علم صلاته و تسبيحه و الله عليم بما يفعلون).

يسلمووو قلبووو ماشاء الله مووضوووع بغااايه الروووعه

تسلمي حبيتي ع الموضوع الرائع